تابع الموضوع
الخطوات الأساسية لتشخيص موت الدماغ:
هناك ثلاث خطوات أساسية للوصول لتشخيص موت الدماغ، وهي:
(أ) الشروط المسبقة (Preconditions):
وتشمل الآتي:
1- وجود شخص مغمى عليه إغماءً كاملاً، ولا يتنفس إلا بواسطة جهاز المنفسة (Respirator = Ventilator).
2 - وجود تشخيص لسبب هذا الإغماء، ويوضح وجود مرض أو إصابة في جذع الدماغ، أو في كل الدماغ، وهذه الإصابة لا يمكن معالجتها ولا التخفيف منها.
(ب) أهم أسباب موت الدماغ (جذع الدماغ أو كل الدماغ):
وتتلخص في الآتي:
1 - إصابات الحوادث مثل حوادث المرور والطائرات والقطارات وحوادث العمل، أو السقوط من حالق، أو أثناء القفز في المسابح أو في البحر، حيث يقفز الشخص ويرتطم رأسه بحجر. وهذه الحوادث تمثل 50% من جميع حالات موت الدماغ.
وأهم هذه الحوادث حوادث المرور التي تُعَدّ السبب الرئيسي للوفاة للذكور في مقتبل العمر في معظم بلاد العالم. وقد انخفضت حوادث المرور في الولايات المتحدة بنسبة 21% خلال عشر سنوات (1970 ـ 1980)، ولا تزال تُوالي انخفاضها. وكذلك انخفضت تلك الحوادث في أوروبا، وبريطانيا، وكندا، ومعظم دول العالم الصناعي، انخفاضًا كبيرًا بسبب التشدد في إجراءات السلامة، وتشديد العقوبة على من يسوق السيارة وهو سكران، بينما زادت حوادث المرور (السيارات) في المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات بنسبة 250% في الفترة من 1971 ـ 1976. وزادت بنسبة 90% في البحرين، و50% في الكويت في نفس الفترة (1971 ـ 1976).
وتذكر الإحصاءات من البحرين والكويت ودولة الإمارات أن الوفيات من حوادث المرور وهي ثلاثة أضعاف ما هي عليه في بريطانيا بالنسبة بكل 100.000 من السكان. وهي في السعودية تماثل دول الخليج الأخرى وربما تزيد عليها.
وفي الكويت تذكر الإحصاءات أن الوفيات الناتجة عن حوادث السيارات تؤدي إلى فقدان 5200 سنة في كل عام، بينما تؤدي جميع السرطانات مجتمعة إلى فقدان 3200 سنة، وأمراض القلب إلى فقدان 2700 سنة، والإسهال وأمراض الجهاز الهضمي (غير السرطان) إلى فقدان 2300.
يحسب فاقد السنين كالتالي:
إذا مات شخص نتيجة حوادث المرور وعمره عشرون عامًا مثلاً ومعدل الأعمار في الكويت ستون عامًا، فإن الفاقد من السنين أربعون عامًا، فإذا تمت معرفة عدد الأشخاص الذين قتلوا ومعرفة أعمارهم عند الوفاة أمكن حساب السنين المفقودة بالمعادلة التالية: عدد القتلى × العمر المفقود.
وقد زادت حوادث المرور في البحرين من 1476 حادثة عام 1970 إلى 23.244 حادثة عام 1983. ويرجع السبب في ذلك إلى الثورة البترولية (ارتفاع سعر البترول عام 1973 وما بعده)، وبالتالي ارتفع عدد السيارات في البحرين من 15.363 سيارة عام 1970 إلى 90.000 سيارة عام 1983(26). والشيء ذاته يقال عن السعودية ودول الخليج الأخرى.
وفي المملكة العربية السعودية قتل عام 1979 بسبب حوادث المرور 2871 شخصًا، وأصيب 16.832 شخصًا إصابات بالغة بسبب حوادث المرور. ومما يزيد المأساة بشاعة أن 75% من هؤلاء القتلى والمصابين كانوا تحت سن الأربعين(28). وفي عام 1983 كانت نسبة الوفيات من حوادث السيارات في السعودية ودول الخليج 37 من كل 100.000 من السكان، بينما كانت النسبة في الولايات المتحدة 21 من كل 100.000 من السكان(28،29،30)، وقد بلغت الوفيات المباشرة لحوادث المرور في المملكة العربية السعودية 3.500 حالة، ثم يتوفى أيضًا بسبب الحادثة في المستشفى حوالي 4.000 شخص. والعدد الإجمالي يقترب من ثمانية آلاف وفاة كل عام، أما الإصابات فقد اقتربت من أربعين ألف إصابة كل عام (عام 2000)، وهي أعلى نسبة في حوادث المرور في العالم.
2 - نزف داخلي في الدماغ بمختلف أسبابه، ويمثل ذلك 30% من جميع حالات موت الدماغ في بريطانيا والدول الصناعية.
3 - أورام الدماغ، والتهاب الدماغ، والسحايا، وخرّاج الدماغ، وتمثل هذه المجموعة حوالي 20% من جميع حالات موت الدماغ.
ويُعدّ الشنق سببًا هامٌّا ـ وإن كان نادرًا ـ لموت جذع الدماغ، وكذلك يُعدّ توقف القلب أو التنفس الفجائي من الأسباب النادرة لموت الدماغ. وهذه الحالات تؤدي ـ بعد إنقاذها في بعض الحالات ـ إلى موت المناطق المخية العليا من الدماغ، بينما يبقى جذع الدماغ حيٌّا وهو ما يؤدي إلى ظهور حالات الحياة النباتية (Vegetative life) التي كثرت في السنوات العشر الأخيرة، بحيث أصبحت تشكل عبئًا كبيرًا على الموارد الصحية، وعلى المجتمع في جميع الدول الصناعية.
الخطوة الثانية للوصول لتشخيص موت الدماغ بعد استيفاء الشروط المسبقة ـ هي عدم وجود سبب من أسباب الإغماء المؤقت، والناتجة عن:
(أ) الكحول والعقاقير مثل الباربيتورات، والعقاقير المنومة والمهدئة الأخرى التي تؤخذ أحيانًا بكميات كبيرة أثناء محاولة الانتحار.
(ب) انخفاض شديد في درجة حرارة الجسم (Hypothermia) ـ كما يحدث عندما يُفقَد شخص في المناطق الثلجية الباردة.
(ج) حالات الفشل الكلوي أو فشل الكبد.
(د) حالات الإغماء الناتجة عن زيادة السكر في الدم (Hyperglycaemia) أو نقصانه.
(هـ) حالات الإغماء الناتجة عن إصابات الغدد الصماء بزيادة شديدة في الإفراز الهرموني (Hyperglycaemia)، أو نقصان شديد فيه، كما يحدث في الغدة الدرقية والغدة الكظرية والغدة النخامية.
(و) اضطراب الكهارل (الشوارد) (Electrolyte imbalance).
وهناك أسباب أخرى، ولكن هذه المذكورة أهمها.
وينبغي أولاً أن تعالج هذه الأسباب المؤقتة جميعًا قبل أن يتم تشخيص موت الدماغ أو جذع الدماغ.
ولا يعني هذا أن هذه الأسباب لا تسبب الوفاة في بعض الحالات ـ إلا أنه ينبغي التأكد أولاً أن هذه الأسباب قد أدت إلى خلل دائم بالدماغ وجذع الدماغ في تلك الحالات الخاصة.
الفحوصات السريرية لموت الدماغ عندما يتم الفحص ـ لا بد من وجود النقاط التالية ليتم تشخيص موت الدماغ:
(أ) عدم وجود الأفعال المنعكسة من جذع الدماغ.
(ب) عدم وجود تنفس بعد إيقاف المنفسة لمدة 10 دقائق، وبشروط معينة، يتم فيها إجراء هذا الفحص الهام، وذلك بإدخال أنبوب (قسطرة) إلى القصبة الهوائية، يمر عبرها الأوكسجين من الأنبوب إلى الرئتين، فإذا لم يحدث تنفس خلال عشر دقائق، فإن ذلك يعني توقف مركز التنفس في جذع الدماغ عن العمل، رغم ارتفاع ثاني أكسيد الكربون في الدم إلى الحد الذي ينبه مراكز التنفس (أكثر من 50 مم من الزئبق في الشريان (PaCO2 54mm Hg).
وينبغي أن تعاد هذه الفحوص كلها من قبل فريق آخر من الأطباء بعد بضع ساعات من الفحص الأول، وبشرط أن لا يكون بين هؤلاء الأطباء من له علاقة مباشرة بزرع الأعضاء.
فحوصات تأكيدية:
(أ) رسم المخ الكهربائي، وينبغي أن يكون بدون أي ذبذبة (Flat E.E. G).
(ب) عدم وجود دورة دموية بالدماغ، وذلك بتصوير شرايين الدماغ، أو بفحص المواد المشعة (Radionucleotides).
[size=21]والمريض يعاني في بلاد العالم الثالث حيٌّا وميتًا. وجسمه تُنتَهك حُرمَتُه دون رقيب، فلا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون[/size]