بسم الله الرحمن الرحيم
إعجاز رقمي يبين عمر الرسول صلى الله عليه وسلم ومراحل دعوته وتاريخ وفاته من القرآن الكريم
كما هو مأثور ومعروف من كتب السيرة عن حياة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه أرسل إليه وهو بعمر (40 سنة) ودامت دعوته إلى الله عز وجل (23 سنة) قضى منها (13 سنة) في مكة المكرمة، ثم هاجر إلى المدينة المنورة وبقى فيها (10 سنوات) إلى أن انتقل إلى جوار ربه الكريم.
أولاً: يقول الله تعالى في كتابه العزيز:
{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} [(46)يونس/10].
{وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [(40)الرعد/13].
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [(77)غافر/40].
نجد في الآيات الثلاث عبارة {نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} مشتركة في الآيات الثلاث في السور الثلاث:
إحصائياً: نجد أن كلمة {نُرِيَنَّكَ} وردت في القرآن الكريم 4 مرات في 4 سور، فبالإضافة إلى الآيات الثلاث السابقة توجد في قوله تعالى: {أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ} [(42) الزخرف/43].
وكلمة {نَعِدُهُمْ} فقد وردت في القرآن الكريم 4 مرات في 4 سور أيضاً، فبالإضافة إلى الآيات الثلاث السابقة توجد في قوله تعالى: {وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُون} [(95) المؤمنون/23].
أما كلمة {نَتَوَفَّيَنَّكَ} فهي لم ترد إلا في هذه الآيات الثلاث السابقة أي موجودة في القرآن الكريم 3 مرات في 3 سور، وهي موضوع البحث.
مما سبق نلاحظ ما يلي:
1- أن مجموع أرقام السور للآيات الثلاث التي توجد فيها كلمة {نَتَوَفَّيَنَّكَ} 10+13+40 = 63 وهو العمر الذي توفي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم.
2- ملاحظة هامة: ورد في سورة الزخرف قوله تعالى: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ} [(41) الزخرف /43].
حيث قال الحق تبارك وتعالى {نَذْهَبَنَّ بِكَ} ولم يقل {نَتَوَفَّيَنَّكَ} مما يعزز ما ذهبنا إليه في إثبات بحثنا لأنه لو قال {نَتَوَفَّيَنَّكَ} لاختلاف العدد.
3- الآية 77 من سورة غافر والتي رقمها 40 هذا الرقم هو بداية عمر الرسالة المحمدية وهو بداية الدعوة، وهو بداية نزول الوحي وهو عمر الرسول صلى الله عليه وسلم (40 سنة) الذي أرسل إليه فيه.
ولنقرأ هذه الآية ونتدبرها يقول الحق تبارك وتعالى وفي بدايتها لرسوله صلى الله عليه وسلم (في بداية الدعوة) {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [(77)غافر/40].
أي فاصبر يا محمد على ما يجادلك به هؤلاء المشركون في آيات الله التي أنزلناها عليك وعلى تكذيبهم إياك فإن الله منجز لك فيهم ما وعدك من الظفر عليهم والعلو عليهم وإحلال العقاب بهم.
{فإما نرينك بعض الذي نعدهم} يقول جل ثناؤه فإما نرينك يا محمد في حياتك بعض الذي نعد هؤلاء المشركين من العذاب والنقمة أن يحل بهم {أو نتوفينك} قبل أن يحل ذلك بهم {فإلينا يرجعون} يقول فإلينا مصيرك ومصيرهم فنحكم عند ذلك بينك وبينهم بالحق (تفسير الطبري).
إذن: ما يميز هذه الآية عن الآيتين السابقتين قوله: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} وهذا ما يلزم في بداية الدعوة الصبر والتثبت من الله لرسوله بأن وعد الله حق.
4- الآية 40 من سورة الرعد والتي رقمها (13) تمثل الفترة المكية التي قضاها الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله تعالى في مكة، يقول الحق تبارك وتعالى فيها: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [(40)الرعد/13].
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم {فإنما عليك البلاغ} أي إنما أرسلناك لتبلغهم رسالة الله وقد فعلت ما أمرت به وعلينا الحساب أي حسابهم وجزاؤهم ( تفسير ابن كثير).
إذن: ما يميز هذه الآية عن الآيتين السابقتين قوله: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} وهو ما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم من التبليغ والدعوة إلى ربه وأداه حق أدائه.
5- الآية 46 من سورة يونس والتي رقمها (10) تمثل الفترة المدنية من الدعوة وهي الفترة التي قضاها الرسول صلى الله عليه وسلم في المدنية المنورة يدعو إلى ربه حتى انتقل إلى جوار ربه الكريم يقول الحق تبارك وتعالى فيها: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} [(46)يونس/10].
ولنتدبر قوله تعالى في هذه الآية حيث قال الحق: {فإلينا مرجعهم} أي مصيرهم ومنقلبهم، والله شهيد على أفعالهم بعدك ( تفسير ابن كثير ).
ويقول الطبري في تفسيره في قوله تعالى {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} يقول جل ثناؤه: ثم أنا شاهد على أفعالهم التي كانوا يفعلونها في الدنيا وأنا عالم بها لا يخفى علي شيء منها وأنا مجازيهم بها عند مصيرهم إلي ومرجعهم جزاءهم الذي يستحقونه.
فنجد في هذه الآية لا يوجد ذكر للرسول صلى الله عليه وسلم إلا في ما كرر من الآية كما في الآيات السابقة وهي قوله تعالى: {نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ}. فقد انتقل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه الكريم والله شهيد على ما يفعلون من بعده إلى يوم القيامة.
ا